حركة العتلات أو الرافعات (Levers Motion)
إن نظام العتلات هو من أحد الأنظمة الميكانيكية الموجودة في الطبيعة والتي يَشترط عملها وجود جسم مادي صلب أي العتلة (Lever)، قابل للدوران حول محور أو نقطة ارتكاز ثابتة Fulcrum) ) وتؤثر عليه قوة (جهد) ومقاومة ويبعد كل من خط عمل الجهد وخط عمل المقاومة مسافة عامودية عن محور الدوران، حيث تُعرف هذه المسافة بالذراع (Arm)، وهنالك ذراع للجهد وذراع للمقاومة. أنظر الشكل رقم (51).
والهدف من استخدام الإنسان للعتلات هو لتسهيل عملية تحريك حمولة كبيرة أو ثقيلة لمسافة معينة، حيث إن العتلة تعمل وكأنها أداة لتضخيم تأثير القوة، كما من الممكن أيضاً استخدام العتلات لزيادة المدى الحركي أو سرعة الحركة.
والجهاز الحركي لجسم الإنسان يشبه إلى حد كبير في عمله هذا النظام، حيث تتوفر في جسم الإنسان مقومات
نظام العتلات، وهي:
- العتلة (Lever)، إذ تلعب العظام دور العتلة.
- الجهد (Effort)، القوة التي يتم تسليطها على العتلة للتأثير على الحِمل وتمثلها هنا القوة العضلية.
- محور الدوران (Fulcrum) إذ تلعب المفاصل دور المحاور أو نقاط الارتكاز التي تحدث عندها الحركة نتيجة سحب العضلة للعظم.
- الحِمل (Load) أو المقاومة وهي القوة التي تعاكس عمل القوة العضلية، وفي هذه الحالة يمكن أن تكون وزن جزء من أجزاء الجسم أو وزن جسم خارجي مثل الأثقال أو الدمبل.
وتُصنف العتلات إلى ثلاث فئات ويتم هذا التصنيف تبعاً للعلاقات بين نقطة الارتكاز والجُهد والحِمل الموزعة على طول العتلة. ويمكنك أن تتعرف أكثر على هذه الفئات من خلال الجدول رقم (22) وكذلك الشكل رقم (52).
ووجود نظام العتلات يزود الجسم بميّزة يُطلق عليها الفائدة الميكانيكية (Mechanical Advantage- MA)
والمقصود بذلك أنها تُمكِّننا من التغلب على مقاومات كبيرة باستخدام قوة صغيرة، أي جهد أقل، كما تُمكِّننا العتلات أيضاً من زيادة المدى الحركي (Range of Motion) وزيادة سرعة الحركة.
ولنفهم أكثر الفائدة من وجود نظام العتلات بالنسبة لحركة الجسم، يجب أن نتطرق أولاً إلى مفهوم عزم القوة الذي تحدثنا عنه عندما تحدثنا عن الحركة الزاويّة (وفي اللغة الإنجليزية يُعرف بـ Torque ويُطلق عليه أيضاً مصطلح Moment of force). وعزم القوة هو مقدرة القوة على إحداث دوران لجسم ما حول نقطة ارتكاز أو محور ثابت، وبما أن حركة المفاصل هي حركة زاويّة (دورانية)، فستنتج عزماً عندما تنقبض العضلات وتسحب العظام لتحريك المفصل، ويُمثل القانون التالي العلاقة بين القوة والعزم:
حيث إن:
العزم = T ووحدة قياسه هي نيوتن.متر(Nm)
ذراع القوة = r وهي المسافة بين نقطة تأثير القوة على العتلة ومحور الدوران، وتسمى بالذراع (Moment arm)
ووحدتها المتر(m)
القوة = F ووحدتها نيوتن (N)
ومن هذه العلاقة نفهم أن عزم القوة يتناسب طردياً مع حجم القوة ومع ذراعها، أي كلما زادت القوة يزداد العزم، وكلما زاد ذراع القوة يزداد العزم أيضاً، والعزم قيمة مُتجهة مثل القوة لها مقدار واتجاه، ويُعتبر العزم موجباً إذا كان اتجاه الدوران عكس عقارب الساعة، وسالباً إذا كان اتجاه الدوران مع عقارب الساعة.
وإذا نظرنا إلى جسم الإنسان بالتحديد سنرى أن العزم الناتج عن عضلة معيّنة هو ناتج حاصل ضرب القوة العضلیة العمودية على العظم(F1) في ذراع القوة العضلية، وهي المسافة بين نقطة ارتباط وتر الإندغام بالعظم (المدغم) ومحور الدوران، أي المفصل (r1). وبما أنه يوجد في نظام العتلات زوج من القوى أي الجهد (القوة التي يؤثر بها الجسم)، والمقاومة أو الحِمل (القوة المعاكسة في الاتجاه)، ففي هذه الحالة يكون العزم الكلي للنظام هو محصلة العزوم ويساوي:
حيث إن F1 هي القوة المتمثلة بالجهد وr1 هي ذراعها، وF2 هي القوة المتمثلة في المقاومة وr2 هي ذراعها، والإشارة السالبة تدل على عكس الاتجاه بالطبع.
ولنفترض أنك تحمل ثقلاً في يديك وتحاول أن تثبته كما في الشكل رقم (53)، ماذا نتوقع أن يحدث في هذه الحالة؟
تحدثنا سابقاً عن الاتزان الستاتيكي، ذكرنا أنه ليتوازن الجسم يجب أن تتوازن القوى بحيث يكون مجموع القوى الخارجية المؤثرة عليه يساوي صفراً، أي محصلة القوى تساوي صفراً.
وهذا يعني أنه لن يحدث تغيير في حركة الجسم الانتقالية، ولكن لضمان عدم حدوث تغيير في حركة الجسم الزاويّة أيضاً يجب أن تكون محصلة العزوم المؤثرة عليه تساوي صفراً، وبالتعويض في المعادلة السابقة:
وتعرف هذه العلاقة بقانون الرافعات (Law of Levers)، ونفهم من هذه العلاقة أنه ليتوازن الجسم يجب أن يكون عزم الجهد مساوياً لعزم المقاومة، وأي اختلاف في العزوم في أي جهة من الجهات يعني أن العتلة لن تتوازن. وبإعادة ترتيب قانون الرافعات نحصل على ما يُعرف بالفائدة الميكانيكية (MA) والتي تساوي:
أي أن الفائدة الميكانيكية هي عبارة عن نسبة المقاومة إلى الجهد، أو يمكن أن تُصاغ أيضاً بكونها نسبة ذراع الجهد إلى ذراع المقاومة، وبالتالي من الممكن حسابها من قسمة ذراع الجهد (r1) على ذراع المقاومة(r2) ، والفائدة الميكانيكية تتحقق إذا كانت النسبة أكثر من واحد صحيح (MA ˃ 1).
ومن هذه العلاقة نستنتج انه كلما زادت ذراع الجهد ستزداد الفائدة الميكانيكية، فإذا أردنا أن نُثبت حِملا (مقاومة) معيناً، سنلاحظ أنه كلما ازدادت ذراع الجهد (القوة) سنحتاج إلى جهد أقل أي قوة عضلية أقل لتثبيت الحِمل، وكأن زيادة ذراع الجهد تُضخّم أو تُضاعف تأثير القوة العضلية.
ودعونا الآن ننظر لكل فئة من فئات العتلات الثلاث للتعرف على الفائدة الميكانيكية الناتجة عن كل منها، وسنبدأ بعتلات النوع الثاني.
- عتلات الفئة الثانية
وهنا نرى أن ذراع الجهد دائماً أطول من ذراع المقاومة (r1 > r2) بمعنى أن هذا النوع من العتلات يوفر فائدة ميكانيكية كبيرة، وبالتالي يمكن تحريك حِمل كبير لمسافة قصيرة بجهد قليل، ومثال عليها في جسم الإنسان العتلة التي تعمل عندما نقوم برفع كعبي القدمين على رؤوس الأصابع عند القيام بتمرين الـ (Calf raise) لعضلة الساق حيث إن جهداً قليلا (انقباض عضلة الساق) يرفع وزن الجسم بالكامل (مقاومة كبيرة) ولكن على عضلة الساق أن تنقبض لمسافة أكبر من المسافة التي يتحركها الجسم عندما نرفع الكعب (مدى حركي قليل). أنظر الشكل رقم (54). وهذا النوع من العتلات ليس شائعاً لحد كبير في جسم الإنسان.
- عتلات الفئة الثالثة
إن عتلات النوع الثالث هي العتلات الأكثر شيوعاً في الجسم ومثال عليها العتلة التي تعمل عند القيام بتمرين الـ(Biceps Curl) للعضلة العضدية ذات الرأسين. أنظر الشكل رقم (53).
يُمثل الساعد في هذه الحالة العتلة ويُمثل مفصل المرفق نقطة الارتكاز. هنا ذراع الجهد أقصر من ذراع المقاومة (r1 ˂ r2) والسبب أن المسافة بين نقطة إندغام وتر المدغم للعضلة ذات الراسين ومفصل المرفق أقصر من المسافة بين المقاومة ومفصل المرفق وبالتالي فإن الفائدة الميكانيكية قليلة. أنظر الشكل رقم (55).
بناءً على هذا الشكل، نلاحظ أن تثبيت دمبل تزن 200N في نفس هذه الوضعية سيتطلب قوة عضلية مقدارها 2000N ، أي عشرة أضعاف قوة المقاومة.
هذا يعني أن القوة التي توفرها العضلة ذات الرأسين يجب أن تكون أكبر بكثير من وزن الدمبل، لتحريك أو تثبيت الدمبل، قد يبدو هذا للوهلة الأولى عيباً ميكانيكياً، فكيف يمكن أن يكون ذلك مفيداً للجسم؟ إذا نظرنا إلى مدى حركة الدمبل مقارنة بمدى انقباض العضلة ذات الرأسين عند رفع الوزن من الوضع الأفقي، نرى أن الغرض من الساعد كعتلة هو زيادة المدى الحركي بدلاً من تقليل الجهد المطلوب، حيث من الممكن أن تتقلص العضلة ذات الرأسين 90 مليمتر فقط، بينما تتحرك اليد 60 سنتيمتر، إن هذه الفئة من العتلات تُمكّننا من تحريك المقاومة لمسافة أكبر خلال وقت معين، وبالتالي عندما تزيد من المدى الحركي فهي تزيد من السرعة، لذلك تُعتبر ميّزتها هي السرعة.
- عتلات الفئة الأولى
في حالة عتلات الفئة الأولى تتواجد نقطة الارتكاز بين نقطة تأثير قوة العضلة ونقطة تأثير المقاومة، أنظر الشكل رقم (55).
وهنا من الممكن ان تكون r1 تساوي، أكبر، أو أصغر من r2، وبما أن الفائدة الميكانيكية تعتمد على نسبة ذراع الجهد إلى ذراع المقاومة، فمن الممكن ان تُوفر هذه الفئة من العتلات للجسم فائدة ميكانيكية كبيرة وتُمكِّننا من تحريك مقاومة كبيرة بجهد قليل إذا كانت r1 > r2.
وأما إذا كانت r1 ˂ r2 فإن الحِمل سيتحرك لمسافة أبعد من الجهد المبذول، ومثال على ذلك العتلة الموجود في الجمجمة، حيث ترتكز الجمجمة على فقرة الأطلس في العمود الفقري وتحافظ عضلات الرقبة على استقرار الرأس، وعندما يتحرك الرأس (الحِمل) لأعلى أو لأسفل فهو يتحرك لمسافة أكثر من المسافة التي تتحركها عضلات الرقبة (الجهد) عندما تتقلص عضلات الرقبة، أي أن الفائدة هنا هي زيادة المدى الحركي، والجدير بالذكر أن هذه الفئة من العتلات يَندُر وجودها في الجسم.
ونفهم من السطور السابقة أنه لا يمكن للعتلة أن توفر فائدة ميكانيكية وكذلك زيادة في المدى الحركي أو السرعة في نفس الوقت، فالفائدة الميكانيكية تأتي على حساب السرعة، والعكس صحيح، لذلك فإن كل نوع من أنواع العتلات له مزايا وله عيوب.
مشاهدات وتطبيقات
من كل ما ذكرناه سابقاً نستخلص التالي:
- تعتمد كفاءة القوة العضلية على كفاءة هذه القوة في خلق عزم لإحداث حركة دورانية حول المفصل وبالتالي تحريك المقاومات المختلفة.
- إن معرفة أي مفصل سيكون هو نقطة الارتكاز أثناء القيام بتمرين معين وأي فئة من العتلات سيتم توظيفها، هي من الأمور التي يجب أخذها بعين الاعتبار للمحافظة على سلامة المفاصل من زيادة الحِمل الميكانيكي الواقع عليها، إذ يعتمد التوتر الميكانيكي الذي يخضع له المفصل على فئة العتلة المستخدمة في الحركة، وقوة العضلة التي تلعب دور المُحرَّك الرئيسي (Prime Mover)، وكذلك طول ذراع المقاومة.
- يمكن التقليل من العزم الذي يتعرض له المفصل إذا تلاعبنا بذراع المقاومة، لاسيما وأن معظم مفاصل الجسم هي من عتلات الفئة الثالثة، حيث إن ذراع المقاومة دائماً أكبر من ذراع القوة العضلية، ما يجعلنا بحاجة إلى جهد كبير لتحريك مقاومة صغيرة نسبياً.
- بشكل عام نحن لا نستطيع أن نغيّر في الجسم من ذراع القوة إلا بما تسمح به طبيعة ارتباط العضلة بالعظم، وما نستطيع أن نقوم به لزيادة أو تقليل العزم حول مفصل معين هو التلاعب بوزن المقاومة (إن أمكن)، وكذلك بذراع المقاومة، فإذا كانت شدة التمرين عالية، وأردت ان تحمي المفصل وتقلل من الضغط الواقع عليه فإنك تستطيع أن تحافظ على وزن المقاومة ولكن تقلل من ذراعها عن طريق تقريب المقاومة من المفصل، وهذا يشرح لماذا عندما نقوم بتمرين الرفع الجانبي(Lateral Raise) أو الأمامي(Front Raise) والأذرع ممدودة بالكامل، يمكن أن نواجه صعوبة إذا كان وزن المقاومة عالياً، ولكننا نلاحظ أننا نستطيع التعامل مع نفس الوزن بسهولة أكثر إذا قمنا بثني مفصل المرفق قليلاً، ما يقلل من ذراع المقاومة ويقلل العزم حول مفصل الكتف، وبالمقابل إذا أردت أن تزيد من شدة أو صعوبة تمرين معين، فمن الممكن وباستخدام نفس وزن المقاومة أن تزيد من ذراع المقاومة، ما يزيد من عزم المقاومة ويُجبر العضلة على أن تبذل جهداً أكبر لتخلق عزماً كافياً للتغلب على عزم المقاومة (أو حتى لموازنته إذا كان الهدف تثيبت المقاومة).
يُفسر مفهوم عزم الدوران حول المفصل وذراع القوة لماذا تكون نفس العضلة أقوى في وضعية معينة حول المفصل من أخرى، ودعونا هنا نرجع لمثال العضلة العضدية ذات الرأسين لتوضيح هذه الفكرة، نلاحظ أن قدرة العضلة على خلق عزم حول مفصل المرفق يعتمد على وضعية مفصل المرفق، والسبب أن ذراع الجهد (ذراع القوة العضلية) تتغير عندما يتحرك المفصل بالثني (Flexion) والمَدْ (Extension).
فعندما نُمسك الدمبل والمرفق ممدود بالكامل (Full Extension) ونقوم بثني المفصل لنرفع الدمبل، تتقلص العضلة ذات الرأسين وتخلق عزماً حول المفصل، ويتغير عزم الجهد أثناء تحريك المفصل في مداه الحركي نتيجة لتغير ذراع الجهد أثناء الدوران، وعندما يكون المفصل مثنياً بزاوية 90 درجة كما في الشكل رقم (55)، تكون ذراع الجهد أكبر ما يمكن أن تصل إليه بالنسبة للعضلة ذات الرأسين، ولذلك يكون عزم الجهد عند هذه الوضعية أكبر ما يمكن، وبعد أو قبل هذه الدرجة يقل العزم لأن ذراع الجهد تقل عند الثني أو المَدْ بعيداً عن هذه الوضعية.
وهذا الشيء يحدث مع معظم عضلات الجسم والمفاصل التي تؤثر عليها هذه العضلات، فعندما يكون طرف من الأطراف في وضعية من شأنها أن يكون فيها خط عمل القوة عند نقطة إندغام وتر العضلة يشكل زاوية 90 درجة مع العظم، تكون ذراع القوة العضلية أكبر ما يمكن ان تكون عليه وبالتالي تخلق العضلة أقصى عزماً ممكناً.
ومثلما يخلق الجهد عزماً، يجب ألا ننسى عزم المقاومة حول المفصل والذي يكون بالاتجاه المعاكس، ويتغير هذا العزم خلال المدى الحركي بسبب تغير ذراع المقاومة أيضاً، ولذلك نشعر وكأن المقاومة أصبحت أثقل ونحن نمارس تمريناً معيناً، وبالتحديد عند استخدام الأوزان الحرة، مع أن الوزن لم يتغير ولكن عزم المقاومة هو الذي يتغير نتيجة زيادة ذراع المقاومة أثناء تحريك المفصل خلال المدى الحركي.
أما بالنسبة للأجهزة الرياضية التي تُستخدم للقيام بنفس التمارين، فتصميم الجهاز هو ما يحدد ما إذا كان العزم يتغير أم لا أثناء حركة المفصل في مداه الحركي. مثلاً في الشكل رقم (56)، نلاحظ أن في الوضعية A عندما يكون مفصل الركبة في وضعية انثناء (Flexion) بزاوية 90 درجة وعند نقطة بداية التمرين من الثني إلى المَدْ، نشعر بصعوبة عند لحظة البداية ولكنها تقل عند تحريك المفصل باتجاه المَدْ، والسبب أن عزم المقاومة يكون أكبر ما يمكن عند نقطة البداية لأن ذراع المقاومة في هذه الوضعية أكبر ما يمكن، ويقل العزم عند التحريك من الثني إلى المَدْ لأن ذراع المقاومة يصغر مع زيادة زاوية المفصل، وبالتالي يقل عزم المقاومة تباعاً.
وتطبيقاً لهذا المبدأ، تتجه بعض شركات صناعة الأجهزة الرياضية لعمل تصاميم تهدُف لإبقاء عزم المقاومة ثابتاً خلال المدى الحركي الكامل للمفصل والبعض الآخر يتجه إلى عمل تصاميم تسمح بتغيير عزم المقاومة بما يتناسب مع التغير في ذراع الجهد للعضلة التي يتم تمرينها، وذلك من أجل المحافظة على قوة عضلية ثابتة على طول المدى الحركي للمفصل المعني بالحركة. من الأمثلة على هذه الأجهزة، الأجهزة الخاصة بشركةNautilus الأمريكية.
كلمة أخيرة
أنت تعلم الآن أن الجهد والمقاومة هما عبارة عن قوى تؤثر على العظام والتي بدورها تلعب دور العتلات، وعند محاولة هذه القوى لتحريك المفاصل بحركة زاويّة (دورانية)، تقوم بخلق عزم حول المفصل، ولنتمكن من تثبيت المقاومة أو تحريكها، يجب أن يكون العزم الناتج عن الجهد كبيراً بما يكفي لموازنة عزم المقاومة أو التغلب عليه. وهذا العزم من شأنه أن يضع عبئاً ميكانيكيا على المفصل، فهل هذا يعني أن نتوقف عن الحركة للحفاظ على المفاصل؟ بالطبع لا بل على العكس تماما، ولكن هنالك طرق أنسب وتقنيات أسلم ممكن أن نتبعها لجعل الحركة تتم بأقل الأعباء على المفصل.
إن معرفتك بكيفية عمل المفاصل ودور العزم في التأثير على المفصل يُمكِّنك من أن تكون أكثر حكمة في اختيارك للحركات التي تقوم بها خلال اليوم وكذلك أثناء التمرين، ما يُمكِّنك من المحافظة على سلامة المفصل، أو بعبارة أخرى إطالة عمر المفصل وتحسين الأداء في نفس الوقت.
ففي حياتنا اليومية عندما نتحرك نحن لا نفكر بآلية عمل المفاصل، نحن فقط نتحرك، وطالما أننا لا نعاني من أي ألم في المفصل فنحن نستمر في الحركة، ولكن بمجرد حدوث الألم سنتوقف للبحث عن حلول.
إن الألم هو الطريقة التي تُعبر بها المفاصل عن استيائها مما نقوم به، فهي لا تتقبل الإهانة مع أنها تحاول أن تمتص الصدمات وتبتلع كبريائها وتلملم جروحها بصمت في كل مرة نقسو فيها عليها، إلا أن هنالك حداً يجب ألا نتجاوزه لكيلا نُعرض مفاصلنا إلى ضرر لا يمكن التعافي منه.
أنت الآن تملك من المعرفة ما يجعلك واعياً تماماً لما يحدث للجهاز الحركي سواء كنت ساكناً أو في حالة حركة مستمرة، فلا داعي أن تنتظر لأن تُصاب أنت أو أي مُتدرَّب تتعامل معه كمُدرِّب لتبدأ بتطبيق المبادئ العلمية التي تعرفت عليها في هذا الفصل وهذا الكتاب بشكل عام، والتي من شأنها أن تجعل من حركتك اليومية وحركتك أثناء التمرين حركة هادفة تحقق الغاية المرجوة منها بأقل الاضرار، وإن أمكن بدون أضرار على الإطلاق. فالخيار لك وأنت أذكى من أن تُهمل الخيار الصحيح!