قوانين نيوتن للحركة (Newton’s laws of Motion)
إن أجسامنا مصممة من الناحية التشريحية والفيسيولوجية بطريقة تجعلنا قادرين على الحركة بكفاءة عالية وتخضع حركة جسم الإنسان وأجزائه المختلفة للقوانين الفيزيائية والميكانيكية التي تحكم حركة الأشياء على سطح الكرة الأرضية، بما في ذلك قوانين الجاذبية الأرضية وقوانين نيوتن الحركية وقوانين العتلات (الرافعات).
وتُفسر قوانين نيوتن حركة الأشياء بما فيها حركة جسم الإنسان، حيث تشكل هذه القوانين الأساس الذي يقوم عليه علم الميكانيكا الحديثة، ولا شك أنكم تعرفتم على هذه القوانين في مرحلة الدراسة الإعدادية والثانوية إلا أن الحديث عن الحركة لا يكتمل بدون التذكير بهذه القوانين الثلاثة.
قانون نيوتن الأول
ويُسمى أيضاً بقانون القصور الذاتي أو القصور الحركي (Law of Inertia)، وينص على “أن الجسم الساكن سيبقى ساكناً، والجسم المتحرك سيبقى متحركاً في حركة خطية ثابتة وبنفس السرعة والاتجاه ما لم تؤثر عليه قوة خارجية تجبره على تغير ذلك”.
ويفسر هذا القانون لماذا تميل الأجسام إلى البقاء ثابتة وتمانع التغيير في وضعيتها، سواء كانت في حالة سكون أو كانت متحركة باتجاه وسرعة معينيّن، ولهذا يُطلق عليه قانون القصور الذاتي.
فالقصور الذاتي هو خاصية من خصائص الجسم تُعبر عن ممانعة الجسم لإحداث تغيير في حالته الحركية وتعتمد على كتلة الجسم، فالكتلة هي مقياس القصور الذاتي وبالتالي كلما زادت كتلة الجسم ازدادت ممانعته للتغيير في حركته، فلقد لاحظت بالتأكيد في ممارساتك اليومية أن تحريك جسم ثقيل أصعب من تحريك جسم خفيف الكتلة، ومن نفس المنطلق فإن إيقاف جسم ثقيل عن الحركة يحتاج جهداً أكبر من إيقاف جسم خفيف الكتلة.
لابد إذاً من أن تؤثر قوة خارجية على الجسم لكي يتحرك وبما أن هناك العديد من القوى التي يمكن أن تؤثر على الجسم في نفس اللحظة ولكل منها تأثير مختلف، فإن التغيير في وضعية الجسم يعتمد على المجموع الكلي لتأثير هذه القوى، ولذلك نستخدم مصطلح محصلة القوى (Resultant Force) للدلالة على أن ناتج عمل أو تأثير كل القوى الخارجية مجتمعة (من حيث المقدار والاتجاه) ونجد في معادلات القوى الرمز سيغما (∑) للدلالة على محصلة القوى. وبناء عليه، وحتى يظل الجسم على وضعيته في حالة سكون أو يظل متحركاً بنفس السرعة بخط مستقيم، يجب أن تكون محصلة القوى المؤثرة علية تساوي صفراً.

ومن هذا القانون أيضاً نفهم أنه حتى يكون الجسم في حالة سكون، أو ما يسمى بالاتزان الستاتيكي
(Static Equilibrium) يجب أن تتوازن القوى، بحيث يكون مجموع القوى الخارجية المؤثرة عليه يساوي صفراً، فالاتزان لا يعني غياب القوى الخارجية وإنما يعني أن القوى متوازنة وبالتالي محصلة القوى تساوي صفراً.
يثير قانون نيوتن الأول الفضول حيث يدفعنا للتفكير بالقوى الخارجية التي تؤدي إلى أن يغير جسم ما حركته، فمن هذا القانون نفهم أن القوة هي أساس التغيير في وضعية الجسم.
ولنفهم الفكرة أكثر دعونا ننظر إلى السيناريو التالي:

تخيل أنك تمسك ثِقل (دمبل) بيدك كتلته 10 كغم كما في الشكل رقم (50)، كم تعتقد سيكون مقدار القوة اللازمة لتثبيت الوزن، وماهي القوى الخارجية المؤثرة عليه؟
في هذه الحالة هناك قوتان عموديتان تؤثران على هذا الثقل، قوة الجاذبية وسنُشير لها بـ W)) تسحبه للأسفل (السهم الأحمر)، والقوة التي تؤثر بها أنت كردة فعل (Reaction Force) لقوة الجاذبية (السهم الأزرق) وسنُشير لها بـ R))، وحسب قانون نيوتن الأول، فحتى يبقى الجسم في حالة سكون يجب أن تتوازن القوى، بحيث تكون محصلة القوى تساوي صفراً وبالتالي يجب أن تكون القوة المطلوبة منك لتثبيت الوزن تساوي قوة الجاذبية في المقدار وتعاكسها في الاتجاه لتتوازن القوى المؤثرة على هذا الثقل.
وذكرنا سابقاً أن قوة الجاذبية تساوي وزن الجسم، ولحساب وزن الجسم نستخدم قانون الجاذبية الأرضية الذي ينص على أن قوة الجاذبية (أي وزن الجسم) تساوي كتلة الجسم (m) بالكيلوغرام مضروبة في تسارع الجاذبية الأرضية (g)، حيث إن الأرض تجذب كل شيء إلى مركزها بتسارع مقداره 9.81 م/ث². ولسهولة الحسابات في العادة يتم تقريب هذا الرقم إلى 10م/ث².

وفي هذا المثال قوة الجاذبية تساوي:
10 كغم × 10 م/ث² = 100 نيوتن (N)
واتجاهها إلى الأسفل ولذلك سُيشار لها بإشارة السالب .
وبما أننا نعلم ماهي القوى التي تؤثر على هذا الثقل، ونعلم أن محصلة القوى يجب أن تساوي صفراً ليبقى الجسم في حالة سكون، وبالتعويض في المعادلة التالية يمكننا حساب مقدار القوة المطلوبة منك لتثبيت الجسم بدون حركة:

وبما أن W تساوي N 100، إذاً يجب أن تساويR أيضاً 100 N، وهذا يعني أنك يجب أن تؤثر على هذا الوزن بقوة مقدارها 100 N باتجاه الأعلى ليبقى في حالة سكون.
الآن، ماذا يحدث إذا كانت F∑ لا تساوي صفراً؟ دعونا نرى!
قانون نيوتن الثاني
ويُطلق عليه أيضاً قانون التسارع(Law of Acceleration) ، وينص على أنه “إذا أثرت قوة (أو مجموعة قوى) على جسم وأدت إلى تغيير حالته الحركية، فإنها تكسبه تسارعاً يتناسب طردياً مع القوة وفي نفس اتجاهها، إلا أنه يتناسب عكسياً مع كتلة الجسم”.
أي أنه كلما ازدادت القوة المؤثرة على الجسم ازداد التسارع، وكلما ازدادت كتلة الجسم، قل التسارع لنفس مقدار القوة كما في المعادلة الشهيرة التالية:

حيث أن:
ك أو(m) = كتلة الجسم بالكيلوغرام (كغم)
ت أو(a) =يساوي تسارع الجسم بالمتر لكل ثانية مربعة (م/ث²)
ق (F) =مجموع أو محصلة القوى التي تؤثر على الجسم وتقاس القوة بالنيوتن (N)
وعليه فإن النيوتن هو القوة التي إذا حركت جسماً كتلته كيلوجراماً واحداً تكسبه تسارعاً مقداره متر لكل ثانية مربعة، في اتجاه القوة.
وتفسر هذه المعادلة لماذا كلما ازدادت كتلة الجسم احتجنا لقوة أكبر لتحريكه أو لتغيير وضعيته، فأثناء التمرين مثلاً أنت تحتاج لقوة أكبر لترفع ثقل كتلته 20 كغم من آخر ذي كتله أقل.
يفسر هذا القانون ما يحدث إذا أثرت محصلة قوى خارجية على جسم ما، فهو يشرح علاقة تُمثل السبب والنتيجة، حيث إن السبب هو القوة والتسارع هو النتيجة، وببساطة هو يخبرنا أن الجسم سيتسارع إذا أثرت عليه قوة صافية خارجية، وبالتالي إذا كان مجموع القوى يساوي صفراً فإن التسارع يساوي صفراً أيضاً ولن يغيّر الجسم من حركته إذا كان متحركاً أو ساكناً.
الآن إذا عدنا لمثال الدمبل، إذا قررت القيام بتمرين الرفع الجانبي مثلاً (Lateral Raise) ، ما هو مقدار القوة المطلوبة لرفع الوزن وتغيير حركته من وضعية السكون؟ وهل يتغير إحساسك بصعوبة أو سهولة الحركة أثناء الرفع؟ متى تكون عملية الرفع أسهل ومتى تكون أصعب؟
للبدء بعملية الرفع، يجب أن يحدث تسارع بالثقل إلى أعلى، لذا يجب أن تكون القوة الصافية المؤثرة على الثقل متجهة باتجاه الأعلى، ويجب أن تكون القوة التي تؤثر بها أنت على الثقل أكثر من 100 N، أي أن محصلة القوى لن تكون صفراً ليحدث التسارع وتتغير وضعية الثقل0) < ∑F (.
وبمجرد أن يتسارع الثقل إلى الأعلى، فإن مواصلة تحريكه إلى الأعلى يتطلب فقط أن تكون محصلة القوى تساوي صفراً وسوف يتحرك الثقل بسرعة ثابتة حسب قانون نيوتن الأول والقوة التي تمارسها على الثقل يجب أن تساوي فقط 100 N، أي تساوي وزن الثقل، ولذلك أنت تشعر بصعوبة أكثر في الحركة عند البدء بالرفع.
وعند إكمال عملية الرفع ستحتاج للإبطاء من الحركة للأعلى بحيث تكون القوة الصافية المؤثرة على الثقل باتجاه الأسفل، وهنا يجب أن تكون القوة التي تمارسها أنت على الثقل أقل من N 100، أي أقل من وزن الجسم، ومحصلة القوى لن تكون صفراً أيضاً، ولكن هذه المرة سيكون لها إشارة سالبة لأن الحركة للأسفل، ولذلك تشعر إن التمرين أقل صعوبة عند لحظة الانتهاء من مرحلة الرفع. ومرة أخرى، إذا أردت الآن تثبيت الوزن يجب أن تكون محصلة القوى تساوي صفراً، وبالتالي التسارع يساوي صفراً لكي يبقى الثقل في حالة ثبات، وهنا سيكون مقدار القوة التي تمارسها أنت على الثقل تساوي وزن الثقل وتساوي 100N .
كما ويفسر قانون نيوتن الثاني أيضاً لماذا لو أردت تحريك نفس الوزن بشكل أفقي تكون الحركة الأفقية أسهل بكثير من الحركة العمودية، وذلك لأنك ستحتاج فقط أن تتغلب على قوة الاحتكاك بين سطح الثِقل وسطح الأرض والتي ستكون قيمتها أقل من وزن الثِقل، ما يجعل الحركة أسهل، ومجدداً ستحتاج إلى قوة أكثر من قوة الاحتكاك ليتسارع الثقل ولبدء الحركة بحيث تكون محصلة القوى المؤثرة على الثِقل أكثر من صفر ليتسارع بشكل أفقي.
قانون نيوتن الثالث
ويُطلق عليه أيضاً “قانون الفعل ورد الفعل”، وينص هذا القانون على أن “لكل فعل هناك رد فعل مساو له في المقدار ومعاكس في الإتجاه”.
فأنت عندما تمشي تضغط على الأرض لتحرك نفسك إلى الأمام وتعمل الأرض ضدك بأن ترد الفعل إلى الأعلى أي بعكس الإتجاه، فعندما تؤثر أنت بقوة على الأرض تؤثر هي أيضاً بقوة عليك.
إن هذا القانون يوضح أن القوى تتواجد في الطبيعة على شكل أزواج (فعل وردة فعل) وكل زوج من هذه الأزواج يؤثر على جسم مختلف عن الآخر، وإذا حاولت أن تدفع حائطاً ثابتاً بيدك ستشعر بقوة تؤثر على راحتيك، هذه القوة هي ردة فعل الحائط لتأثيرك عليه، فهي ليست قوتك أنت وكلما دفعت الحائط بقوة أكبر، رد عليك هو بقوة مساوية في المقدار ولكن بعكس الاتجاه الذي تدفع أنت به.
و عندما تحدثنا عن تأثير القوى الخارجية على جسم الإنسان تحدثنا عن قوى التلامس (Contact Forces) مثل القوى الارتدادية الأرضية وقوة الاحتكاك، وذكرنا أن هذه القوى يمكن تفسيرها من خلال قانون نيوتن الثالث للحركة.