كيف تؤثر القوى على حركة الجسم؟
في كل لحظة من لحظات حياتنا تتعرض أجسامنا لتأثير العديد من القوى منها داخلية ومنها خارجية، ومع أننا لا نراها إلا أننا نشعر بتأثيرها، فالقوى هي ما يدفعنا لنتحرك ولنتوقف عن الحركة وكذلك لنغير اتجاهنا أو سرعتنا أثناء الحركة، فالقوة هي أساس الحركة. ولا يتوقف دور القوى عند الحركة فقط، فهي مهمة عندما نحاول أن نحافظ على توازن الجسم، فأجسامنا تتلاعب بالقوى المختلفة التي تحيط بنا لنتمكن من التوازن والمحافظة على وضعية الثبات.
وتنتج القوى من تأثير جسم على آخر وتُعرّف القوة (Force) بأنها أي مُؤثر من شأنه أن يسبب تغيير في شكل الجسم أو حالته الحركية (يؤدي إلى تسارعه) أو كليهما. ولكل قوة مقدار (Magnitude) وإتجاه (Direction) فهي من الكميات الفيزيائية المُتجهة، وتقاس القوة بالنيوتن (N) نسبة بالطبع للعالم إسحق نيوتن الذي صاغ قوانين الحركة الثلاثة الشهيرة عام 1678. وبالتعريف البسيط يمكن ان تُعرّف القوة على أنها تأثير بالسحب (Pull) أو بالدفع (Push) على جسم ما.
وما يعنينا في هذا الفصل هو تأثير القوى على حركة جسم الإنسان وسنركز على دور القوى في تسارع الجسم ومع أننا نستخدم في حياتنا اليومية مصطلح التسارع للدلالة على زيادة السرعة، إلا أن تعريف التسارع من الناحية الميكانيكية قد يختلف بعض الشيء. فالمقصود بالتسارع هنا هو معدل التغيُّر في السرعة ويقال أن الجسم يتسارع عندما يبدأ أو يتوقف عن الحركة، أو عندما تزداد سرعته أو تقل، أو عندما يُغيّر من اتجاهه، والتسارع أيضاً كمية متجهة، له مقدار واتجاه.
وتُسمى القوى التي توثر على أجسامنا نتيجة التفاعل مع البيئة الخارجية بالقوى الخارجية (External Forces) ومنها قوة الجاذبية (Gravity/Gravitational Force) وقوة الاحتكاك(Friction) والقوى الأرضية الارتدادية (Ground Reaction Forces)، بيمنا تُسمى القوى التي يتم توليدها من داخل الجسم بالقوى الداخلية
(Internal Forces). فمثلاً عندما تنقبض العضلات، فهي تؤثر بقوة سحب على العظام تؤدي إلى حركة العظم حول المفصل وتقاوم القوى الداخلية تأثير القوى الخارجية وتحافظ على تماسك بنية الجسم.
عندما تؤثر هذه القوى المختلفة على الجسم، فهي تؤثر على كل مكونات الجسم أثناء الراحة وأثناء الحركة ويُطلق على تأثير القوى المختلفة على أجهزة الجسم بالحِمل الميكانيكي .(Mechanical Load) وأثناء النشاطات الحياتية المختلفة يخضع الجسم لتأثير عدد من القوى، ما يعني أن أنسجة الجسم تخضع لأنواع مختلفة من الأحمال الميكانيكية في ذات الوقت، وهناك أنواع مختلفة من الأحمال الميكانيكية التي يمكن أن يخضع لها الجسم ومنها الشد (Tension) ، الضغط (Compression) ، الالتواء (Torsion) ، الانحناء (Bending)، والجز (Shear).
والقوى الخارجية هي ما يحدد حركة الجسم ككل، فعندما نتحدث عن حركة أجسامنا، أول ما يتبادر إلى الأذهان هي العضلات لكونها الأداة المولّدة للقوة التي تُمكّننا من تحريك أجسامنا، ولكن لكون العضلات قادرة على أن تنتج قوة داخلية فقط فهي لا تسبب تغيُّراً في حركة مركز ثقل الجسم (والذي سنناقشه لاحقاً)، فالانقباض العضلي يمكن أن يسبب تحريك أطراف الجسم، إلا أن حركات الأطراف لن تؤدي إلى أي تغيير في حركة مركز ثقل الجسم ما لم تؤثر قوى خارجية على أجسامنا، فإذا أردنا تغيير حركة الجسم بالكامل لابد أن نقوم بعملية دفع أو سحب ضد جسم أو سطح خارجي آخر، وذلك لنتمكن من إحداث تغيير في حركة مركز ثقل الجسم.
فمثلاً عندما يقفز لاعب كرة السلة لالتقاط الكرة ويلاحظ وهو في الهواء أنه قد قفز مبكراً، فهو لن يستطع أن يقف في منتصف الطريق بعد أن قفز وهو تحت تأثير قوة الجاذبية فقط، وإذا أراد ان يعاكس عمل الجاذبية عليه أن يلامس جسماً أو سطحاً خارجياً آخر لخلق قوة خارجية أُخرى تعاكس قوة الجاذبية، وبالطبع سيعود اللاعب إلى أرضية الملعب، وعندما تلامس قدميه الأرض يدفع الأرض بقدميه مولداً قوة ارتداد خارجية أخرى (القوى الارتدادية الأرضية) تدفعه للقفز مجدداً متغلباً على الجاذبية، فأرضية الملعب هنا هي مصدر القوة الخارجية.
وبالإضافة لدورها المهم في الحركة إلا أن هذه القوى أيضاً تشكل عبئاً على أنسجة الجسم، فكما ذكرنا سابقاً، إن القوة الخارجية تُخضع مكونات الجهاز العضلي الهيكلي- أي العضلات والعظام والغضاريف والأوتار والأربطة- لأنواع مختلفة من الأحمال الميكانيكية والتي تؤدي إلى حدوث تغييرات بنيوية في هذه الأنسجة، حيث قد تتسبب في حدوث تغييرات في شكل النسيج (Deformation) ما يؤثر على قدرات النسيج الوظيفية وهذا ما يحدث عند تعرض الإنسان لإصابة في الجهاز العضلي الهيكلي (مثل كسور العظام أو تمزق الأوتار أو الأربطة).
ويعتمد مقدار الضرر الناتج عن القوى الخارجية على نوع الحِمل الميكانيكي الذي يتعرض له الجسم وطبيعة النسيج الذي تعرض لهذا الحِمل، حيث تختلف الأنسجة في خصائصها الميكانيكية وبالتالي في قوتها ودرجة تحملها للتوتر والإجهاد الميكانيكي (Mechanical Stress) الواقع عليها. فمثلاً تتميز العظام بكونها أكثر الأنسجة قدرة على تحمل الضغط (Compression) بينما تتميز الأوتار بقدرة تحمل عالية للشد (Tension)، ولكن مقاومتها للضغط منخفضة.
والجدير بالذكر أن العظام والغضاريف والأربطة والأوتار تحتاج إلى أن تتعرض بشكل منتظم لفترة يزداد فيها الحِمل (Loading)، يعقبها فترة يقل فيها الحِمل (Unloading)، ما يجعلها أكثر قوة، أي يزيد من قدرة تَحمُّلها لتأثير القوى الخارجية، إذ أن قلة النشاط وقلة الحركة يؤديان إلى ضعف هذه الأنسجة وإلى قصر الأوتار والأربطة. وهنا تتجلى أهمية الفهم العميق لأجزاء الجهاز الحركي والقوى التي تؤثر عليه، ومن ثَم توظيف هذا الفهم في تصميم برامج رياضية تدريبية تُمكِّننا من تسخير هذه القوى في زيادة وتحسين القدرات والمهارات البدنية من جهة، والحد من حدوث الإصابات من جهة أخرى.
وتُقسّم القوى الخارجية إلى نوعين، قوى ناتجة عن الاتصال المباشر وتلامس الأجسام مع بعضها البعض
(Contact Forces) ومثال عليها قوة الاحتكاك والقوى الارتدادية الأرضية ومقاومة الهواء والماء، والنوع الآخر هو القوى الخارجية التي لا يعتمد تأثيرها على التلامس بين الأجسام (Noncontact Forces)، وأهم مثال عليها بالنسبة لنا هنا هي قوة الجاذبية الأرضية، ودعونا نبدأ بالحديث عن الجاذبية الأرضية.
كيف تؤثر قوة الجاذبية على جسم الإنسان؟
الجاذبية الأرضية هي قوة جذب الأرض لكل ما هو موجود على سطحها باتجاه مركز الأرض. ولفهم كيفية تأثير الجاذبية على حركة جسم الإنسان، تخيل أن مركز الأرض أشبه بالمغناطيس العملاق الذي يحاول وباستمرار أن يسحبك إليه لمنعك من الانجرار إلى الفضاء وإبقائك على سطح الأرض.
ومهما حاولنا من خلال ممارساتنا اليومية أن نُفلت من قبضة الجاذبية، فلن نفلح وستبوء كل محاولاتنا بالفشل، فبالرغم من أننا نتحرر من قيودها للحظات عندما نرفع أقدامنا خلال المشي أو نقفز لالتقاط كرة أو نقوم بصعود السلالم، ستظل هذه الانتصارات لحظية ومؤقتة وسنعود لنخضع لسيطرتها على أجسامنا.
وتُكسب قوة جذب الأرض الأجسام الموجودة على سطحها أوزاناً وتساوي هذه الأوزان القوة اللازمة لمنع الجسم من أن يسقط سقوطاً حراً، أي باتجاه الأسفل تحت تأثير الجاذبية فقط مع إهمال مقاومة الهواء.
فالوزن إذاً هو قوة جذب الأرض للجسم ومصطلح الوزن الذي نستخدمه في حياتنا اليومية هو في حقيقة الأمر كتلة الجسم (Mass)، أي مقدار ما جُمع في الجسم من مادة وتقاس بالكيلوغرام (كغم)، أما الوزن (Weight) فوحدته النيوتن (N).
إن تأثير قوة الجاذبية الأرضية على أجسامنا هائل ومستمر في جميع الأوقات، إلا أن أجسامنا مهيئة للعمل ضد الجاذبية، ففي حين تساعد الجاذبية على البقاء على الأرض، فإن الهيكل العظمي يعمل جاهداً ضد هذا الشد الهائل المتجه إلى الأسفل لتبقى أجسامنا مستقيمة، وإذا لم تتمكن هياكلنا من القيام بذلك، فسوف يتم سحقنا مثلما تُسحق علبة من الألمنيوم على الأرض. إن الهيكل العظمي هو أحد أهم أجهزة الجسم، إذ يوفر إطاراً قوياً لا يتزعزع لدعم مقاومة الجسم لقوة الجاذبية الأرضية.
وبالإضافة للهيكل العظمي، فإن أجسامنا مزودة أيضاً بأجهزة دعم لمساندة الهيكل العظمي ومساعدته على الحركة وهذا الدعم يتمثل بوجود الأنسجة الرخوة (Soft Tissues) على اختلاف أنواعها بما فيها العضلات والأربطة والأوتار بالإضافة لطبقة الأنسجة الضامة ((Fascia التي تُغلف العضلات والأعضاء المختلفة.
ولقد تحدثنا مفصلاً في الفصول السابقة من هذا الكتاب عن تركيبة ودور هذه الأنسجة في مساعدة الهيكل العظمي على الحركة، حيث يؤدي الانقباض المركزي (Concentric Contraction) إلى قصر العضلة، وبالتالي سحب العظام وتقريبها من بعضها البعض، بينما يسبب الانقباض اللامركزي (Eccentric Contraction) إطالة العضلات، والتي عند إطالتها تعمل على الإبطاء من حركة العظام والمفاصل أثناء ابتعاد العظام عن بعضها البعض.
وتساعد الأنسجة الرخوة أيضاً في التقليل من الضغط الميكانيكي أو الإجهاد (Stress) المستمر الذي تسببه الجاذبية الأرضية للهيكل العظمي. فمثلاً عندما تقف مُنتصب القامة، فإن عمل الهيكل العظمي والأنسجة الرخوة هو ما سيبقيك منتصباً وعلى استقامة واحدة وفي هذه الحالة سيكون مركز ثقل الجسم متوازناً على أساس متين، ولن تحتاج عضلاتك أن تبذل جهداً كبيراً لمقاومة الجاذبية، ولكن بمجرد أن تميل للأمام في حال أردت أن تلتقط شيئاً من على الأرض مثلاً، فإن مركز ثقلك سيتحول إلى الأمام وسيحدث إطالة في العضلات الموجودة في الجزء الخلفي من الجذع(Trunk) للمساعدة في إبطاء حركة الهيكل العظمي أثناء محاولتك للوصول إلى الأرض لتُمكِّنك من التحكم في حركة جسمك، وبالتالي لن تقع على الأرض متأثراً بقوة سحب الجاذبية، أي أنك لن تظهر الإذعان المطلق لها وجسمك سيمكنك من المقاومة.
قوى التلامس المباشر بين الأجسام (Contact Forces)
كما ذكرنا في السطور السابقة فإن القوى الناتجة عن التلامس هي نوع من أنواع من القوى الخارجية التي تنشأ عن الاتصال المباشر عندما تلامس الأجسام بعضها البعض وهذا ينطبق على الأجسام السائلة والصلبة، ولكن سنقتصر الحديث في هذا الكتاب على تأثير تلامس الأجسام الصلبة على بعضها البعض وبشكل عام هي النوع الأكثر شيوعاً في الرياضات، وكذلك أثناء ممارسة النشاطات اليومية.
يمكن تقسيم قوى التلامس إلى مكونين، الأول يعمل بشكل عمودي، والآخر يعمل بشكل أفقي ويُسمى المكون الأول بقوة التلامس العامودية (Normal Contact Force) أو قوة ردة الفعل العمودية Normal Reaction Force)). والمقصود بذلك القوة التي تنتج عن تلامس جسمي ويكون اتجاهها عمودياً على سطح التلامس.
أما المكون الثاني فهو قوة الاحتكاك، ويكون اتجاه عملها موازياً لأسطح التلامس، ويفسر قانون نيوتن الثالث دور القوى الناتجة عن التلامس وتأثيرها على حركة الأجسام، حيث ينص أن لكل فعل رد فعل مساوٍ له في المقدار ومعاكس في الاتجاه، وسنتحدث أكثر عن قوانين نيوتن في الصفحات القادمة.
ولكن دعونا نتعرف أكثر على القوة الارتدادية الأرضية، وقوة الاحتكاك وتأثيرهما على الحركة.
- كيف تؤثر القوة الارتدادية الأرضية على الحركة؟
تُمثل القوة الارتدادية الأرضية المكون الأول من القوى الناتجة عن التلامس، أي هي قوة ردة الفعل العمودية التي يكون اتجاهها عمودياً على سطح التلامس، فهي القوة المسؤولة عن دفع لاعب السلة وتسارعه إلى الأعلى(Upward) في الهواء بينما يدفع هو بقدميه الأرض إلى الأسفل(Downward) .
وهي المسؤولة عن دفع الـعَدّاء إلى الأعلى وهو يركض، فبينما يؤثر هو بقدمه على أرضية الملعب بقوة اتجاهها إلى الأسفل، تؤثر أرضية الملعب عليه بقوة متجهة إلى الأعلى ليتسارع جسمه إلى الأعلى.
ببساطة، إن ما يحدث عندما تلامس أجسامنا أرضية معينة من خلال القدم ونحن نركض أو نمشي، هو أن الأرض تعيد نفس مقدار القوة عبر القدم إلى الجسم في الاتجاه المعاكس. أي أن ما تقوم به الأرض هو ردة فعل لما نقوم به نحن، والجدير بالذكر أن قوة التلامس العمودية تزداد بازدياد وزن الجسم والذي بدوره يعتمد على كتلة الجسم ويزداد بازديادها، ولكن ماذا يعني هذا بالنسبة للجهاز العضلي الهيكلي؟
بالإضافة إلى التعامل مع قوة الجذب المستمرة الناتجة عن الجاذبية الأرضية، يجب أن يتعامل الجسم أيضاً مع الصدمة (Shock) التي يولدها تلامس الجسم مع الأرض والتي تنشأ في كل مرة يلامس فيها أي جزء من أجسامنا الأرض أو أي سطح اخر ويتم نقلها إلى الجهاز العضلي الهيكلي، هنا يجب أن تعمل العضلات والأوتار والأربطة والأنسجة الضامة على تنظيم هذا الضغط الناجم عن القوى الارتدادية الأرضية عن طريق الإطالة والتمدد (أي الانقباض اللامركزي) لإبطاء انتقال الطاقة أثناء انتقالها عبر الجسم إلى المفاصل والهيكل العظمي.
ومن التطبيقات على هذا الكلام اختيار الأدوات الرياضية المناسبة مثل الأحذية الرياضة، حيث إن ارتداء أحذية “جيدة” بنعال وكعوب تستوعب بعض هذه الصدمة أمر حيوي بشكل خاص للرياضيين الذين يركضون لمسافات طويلة وعلى الطرق الصعبة.
- كيف تؤثر قوة الاحتكاك على الحركة؟
عندما يركض الـعَدّاء، يدفع الأرض بقدمه إلى الأسفل وإلى الخلف، وفي نفس الوقت تؤثر عليه أرضية الملعب بقوى معاكسة تدفعه إلى الأعلى وإلى الأمام ليتسارع جسم الـعَدّاء إلى الأعلى وإلى الأمام، وذكرنا أن القوة الارتدادية الارضية هي ما يدفع الـعَدّاء إلى الأعلى، لأن تأثيرها عمودي على اتجاه الحركة، والسؤال هنا، ما الذي يدفع الـعَدّاء إلى الأمام؟
الجواب هو قوة الاحتكاك، إذ تنشأ قوة الاحتكاك بين أرضية الملعب وقدم الـعَدّاء أو نعل الحذاء إذا كان يركض مرتدياً حذاء، وتؤثر هذه القوة على الـعَدّاء بشكل أمامي وبشكل خلفي على أرضية الملعب، إذ يؤثر الـعَدّاء بقدمه بقوة دفع خلفية تعترضها قوة الاحتكاك، حيث تتولد قوة دفع أمامية تدفع الـعَدّاء إلى الامام.
تُمثل قوة الاحتكاك المكون الثاني الذي تحدثنا عنه من مكونات القوى الناتجة عن التلامس بين جسمين، وهي المكون الأفقي الذي يعمل بشكل مواز لأسطح الاتصال بين الجسمين، وتكون معاكسة لاتجاه الحركة، حيث تنتج قوة الاحتكاك عن تفاعل جزيئات الأجسام عند أسطح التلامس بين جسمين، فهي تعترض الحركة أو الانزلاق بين السطوح وتظهر كلما تحرك جسم فوق آخر.
وتعتمد قوة الاحتكاك على خصائص المادة التي تتكون منها أسطح الاتصال بين الجسمين، حيث تزداد قوة الاحتكاك إذا كانت الحركة على سطح خشن وطري (Soft and Rough) وتقل إذا كان السطح ناعماً (أملساً) وصلباً (Smooth and Hard) .
وتلعب قوة الاحتكاك دوراً مهماً في حركة جسم الإنسان، فهي تقاوم الحركة وبالتالي تؤدي إلى أن يفقد الجسم طاقته الحركية، ولكن لكي نتحرك نحن نحتاج لوجود قوة الاحتكاك، إذ انها هي المسؤولة عن التغيير في حركتنا الأفقية، ولك أن تتخيل مدى صعوبة الحركة على سطح أملس، إذ تقل قوة الاحتكاك كما ذكرنا على السطوح الملساء.
وفهمنا لأهمية قوة الاحتكاك يُمكِّننا أيضاً من فهم العديد من المشاهدات المتعلقة بالحركة، فنحن يمكن أن نفهم الآن لماذا عند القيام بتصميم الأحذية يتم الأخذ بعين الاعتبار معامل الاحتكاك للمادة التي يُصنّع منها الحذاء، بحيث يجب أن يؤمن الحذاء قوة احتكاك مناسبة بين سطح الحذاء والأرضية التي نتحرك عليها، ما يحمينا من الانزلاق والوقوع، ففي معظم الأحذية الرياضية نحن نحتاج إلى قوة احتكاك كبيرة وبالتالي يتم اختيار مواد ذات معامل احتكاك كبير وفي بعض النشاطات مثل الرقص والبولينج التي تكون فيها القدرة على الانزلاق مطلوبة يتم اختيار أحذية لهذه النشاطات ذات معامل احتكاك صغير.
وكذلك الأمر بالنسبة لتصميم الأدوات المستخدمة في الرياضات المختلفة، فمثلاً يتم استخدام مواد ذات معامل احتكاك كبير مثل المطاط أو الجلد لتصميم مقابض مضرب التنس، لأن مثل هذه المواد تزيد من قوة الاحتكاك بين باطن اليد وسطح المقبض وبالتالي تقلل من الحركة ومن إمكانية أن يُفلِت المضرب من يد اللاعب. والجدير بالذكر أن قوة الاحتكاك تتناسب طردياً مع قوة التلامس العمودية بين جسمين، وبالتالي كلما ازدادت قوة التلامس العمودية، تزداد قوة الاحتكاك.