كيف تتكيَّف العضلات من الناحية الأيضية؟
بالإضافة للشدة والمدة، فإن هناك عاملاً ثالثاً ينبغي أخذه بعين الاعتبار عند الحديث عن طرق إنتاج الطاقة أثناء التمرين وهو مستوى اللياقة الفردية، سواء كانت اللياقة الهوائية أو اللاهوائية.
فكلما ارتفعت مستويات اللياقة البدنية للقيام بالتمارين الهوائية، احتاج الشخص وقتاً أطول قبل أن يصل إلى مستوى العتبة اللاهوائية وهذا شيء إيجابي لأن الطرق اللاهوائية كما ذكرنا لديها قدرة محدودة على تزويد الجسم بالطاقة وتُنتج حامض اللاكتيك.
ومن جهة أخرى، فإن ارتفاع مستوى اللياقة البدنية اللاهوائية يجعل الجسم قادراً على العمل في المنطقة اللاهوائية لفترة أطول وعلى تَحمُّل كميات أكبر من حامض اللاكتيك قبل الوصول إلى مرحلة إعياء العضلات.
إذاً السؤال الآن هو كيف تتكيَّف العضلات نتيجة لممارسة التمارين الهوائية واللاهوائية لتصبح أكثر فعّالية في استخدام مصادر الطاقة؟
التمارين اللاهوائية
أثناء ممارسة التمارين اللاهوائية، تقوم الألياف العضلية من النوع الثاني (سريعة الانقباض) بمعظم العمل العضلي، وذلك لأن هذه الألياف مهيأة تركيبياً للاعتماد بشكل أساسي على التحلُل الجلايكولي اللاهوائي لإنتاج الطاقة، ولأنها تنقبض بسرعة أكثر وبقوة أكبر يعتمد عليها الجسم أكثر في ممارسة التمارين عالية الشدة قصيرة المدة وتمارين القوة (تدريبات المقاومة).
مع التمرين المستمر تحدث تغييرات أيضية في هذه الألياف العضلية، بمعنى أن الألياف العضلية تتكيَّف لتؤدي العمل الأيضي المطلوب منها بشكل أفضل، وتشمل هذه التغييرات:
- تخزين العضلات كميات أكبر من الـATP ومن الـ PCr .
- تـخزين العضلات كميات أكبر من الجلايكوجين.
- ازدياد نشاط إنزيمات نظام الـ ATP- PCr.
- ازدياد نشاط إنزيمات نظام التحلل الجلايكولي اللاهوائي.
كل هذه التغيرات من شأنها أن تُمكِّن العضلة من التزوّد بالوقود بشكل أفضل استعداداً للجولة القادمة من التمرين.
التمارين الهوائية
أثناء ممارسة التمارين الهوائية تقوم الألياف العضلية من النوع الأول (بطيئة الانقباض) بمعظم العمل العضلي، وذلك لأنها مهيئة تركيبياً للاعتماد على الفسفرة التأكسدية بشكل أساسي لإنتاج الطاقة وبالتالي تستخدم الدهون والكربوهيدرات كمصادر للطاقة، ومع أنها تنقبض ببطء أكثر وتولد قوة أقل عند الانقباض، إلا أنها تنقبض لفترات أطول من ألياف النوع الثاني.
مع التمرين المستمر تحدث تغييرات أيضية في هذه الألياف العضلية، بحيث تتكيَّف الألياف العضلية لتؤدي العمل الأيضي المطلوب منها بشكل أفضل، وتشمل هذه التغييرات:
- ازدياد نشاط انزيمات نظام الفسفرة التأكسدية (أنزيمات الميتوكوندريا).
- تخزين كميات أكبر من الدهون الثلاثية والجلايكوجين في العضلات.
ولأن التمارين الهوائية تعتمد على التنفس الهوائي الذي يعتمد على الأوكسجين، فبالإضافة للتغيرات التي تحدث في الألياف العضلية تحدث تغييرات أخرى من شأنها أن تزيد من نقل وإيصال الأوكسجين إلى العضلات، ومنها:
- ازدياد كمية خلايا الدم الحمراء استجابة للتمارين الهوائية، ما يعني قدرة أعلى على نقل الأوكسجين إلى خلايا الجسم.
- ازدياد كمية الشعيرات الدموية التي تغذي العضلات حيث يكوّن الجسم أوعية دموية أكثر وأكبر استجابة للتمارين الهوائية.
- ازدياد إنتاج بروتين الميوغلوبين في الأنسجة العضلية المسؤول عن الارتباط بالأوكسجين الذي يحمله الدم إلى العضلات.
- إنتاج كميات أكبر من الميتوكوندريا في الأنسجة العضلية وتكون هذه الميتوكوندريا ذات أحجام وسعات أكبر، ما يزيد من قدرتها على أكسدة مصادر الطاقة.
يضاف إلى ذلك التغيرات التي تحدث على مستوى الجهاز القلبي التنفسي والتي من شأنها أن تزيد من القدرة الأوكسجينية القصوى(VO2max) ، ما ينعكس بشكل إيجابي على عمليات الفسفرة التأكسدية.