مقدمة
تناولنا في الفصل الأول من هذا الكتاب ما يُعرف بالجهاز الحركي(Human Movement System) وذكرنا أن الحركة هي نتاج الجهد المشترك لثلاثة أجهزة مجتمعة وهي الجهاز العصبي، الجهاز العضلي، والجهاز الهيكلي (العظمي)، والتي يُطلق عليها أيضاً السلسلة الحركية(Kinetic Chain) .
ورأينا أنه بالرغم من أن كل جهاز من هذه الأجهزة يمثل جهازاً مستقلاً من حيث التركيب والوظيفة، إلا أن عملها المتداخل والمنظم هو الذي يُمكِّننا من القيام بالحركات المختلفة بكل سلاسة ويُسر حتى من دون أن نفكر بآلية الحركة والقوى التي تؤثر على الجسم وتُمكِّنه أو تمنعه من الحركة، وكأن الحركة تحدث بشكل تلقائي وكل ما علينا فقط هو أن نأخذ القرار بأن نتحرك.
أليس هذا ما يحدث عندما نقرر القيام من على الكرسي لنذهب في نزهة قصيرة؟ فمن منا يفكر بقوة الجاذبية وكيف سنتغلب عليها لنتمكن من تغيير وضعية الجسم استعداداً للنهوض؟ وكيف ستؤثر القوى الأرضية الارتدادية على أنسجة الجسم عندما تلمس القدم الأرض ونبدأ بالسير على الأقدام؟ ومن منا يفكر بحركة مفصل الركبة أو الورك عند النهوض عن الكرسي؟ أو يتذكر أن يطلب من عضلات الفخذ الأمامية (Quadriceps) أن تنقبض لمَدْ مفصل الركبة؟ ومن عضلات الأرداف (Gluteus Maximus) أن تنقبض لمَدْ مفصل الورك حتى نتمكن من الوقوف؟
على الرغم من التنسيق الهائل الذي يتطلبه القيام بأبسط الحركات والتي نقوم بها مئات المرات خلال اليوم الواحد، إلا أننا نتحرك بشكل عفوي وبغاية الخفة وبأسرع من أن يتيح لنا الجسم الفرصة أن نفكر في أجسامنا وما يحدث للبدء بالحركة وأثناء الحركة وكذلك عند التوقف عن الحركة.
ومع البساطة التي تبدو عليها الحركة إلا أنها عملية في غاية التعقيد والجمال، وبالنسبة لك كمحترف في مجال اللياقة البدنية وبالتحديد كمُدرِّب لياقة بدنية، من الضروري أن تكون مطلعاً على بعض المفاهيم الأساسية في الميكانيكا الحيوية لتتمكن من فهم كيفية حدوث الحركة وتتعرف على المستويات التي تحدث فيها الحركة وكيف تؤثر القوى المختلفة على حركة الجسم وتؤثر بذلك على الأداء الرياضي ولماذا تُستخدم الميكانيكا الحيوية لتطوير الأداء والتقليل من فرص حدوث الإصابات. سنتناول في هذا الفصل بعض المفاهيم الأساسية التي نعتقد أنها مهمة لك في هذه المرحلة من مشوارك المهني كمُدرِّب للياقة البدنية، كما يمكنك أن تَعتبر الصفحات القادمة بمثابة مدخل يسهل عليك فهم مبادئ الميكانيكا الحيوية إذا رغبت بعد الانتهاء من هذا الكتاب أن تطّلع على مصادر متقدمة في هذا المجال.
