لتحسين مرونة المفاصل والعضلات، من الضروري إجراء تمارين الإطالة بشكل منتظم، فتطبيقها على أساس منتظم، من الممكن أن يحدث فرقاً كبيراً في نطاق الحركة والمرونة النشطة. وينبغي على مدربي اللياقة البدنية استخدام التوصيات التالية عند العمل مع المتدربين وتصميم الخطط التدريبية. يلخص الجدول رقم 7.3 هذه التوصيات.
الجدول رقم 7.3
إن اعتماد نهج شمولي يتعلق بمكون المرونة وممارسة التمارين الرياضية سوف يخدم كلاً من مدرب اللياقة البدنية والمتدرب بشكل جيد. إذا استخدم مستويات المرونة المتقدمة ونطاق الحركة الأمثل، فهذا يحسن الأداء البدني والنشاط اليومي والصحة بكل مستوياتها. إضافة إلى ذلك، فإن أداء التمرين بشكل صحيح سيطبق تقنية تستخدم المدى الأمثل لحركة المفاصل. لذلك لا يجب النظر إلى تمارين الإطالة والمرونة على أنهما جزءاً إضافياً من التمرين أو الجلسة التدريبية، بل يجب اعتبارهما جزءاً أساسياً لا يتجزأ من كل جلسة تدريبية وأداء تنافسي. من الأمور التي يمكن القيام بها كنوع من الاهتمام بمكون المرونة هو المرور على جميع المفاصل واحداً تلو الآخر، واستهداف العضلات ذات المدى الحركي المحدود أو التي تعاني من شد مفرط أو تلك التي تعرضت لتوتر بدرجة أكبر بعد التمرين. فمن المؤكد أن تطبيق برنامج لتطوير المرونة والإطالة بهذه المنهجية سيكون له تأثير إيجابي على مكون المرونة والأداء بشكل عام.
كما أن هناك خيار آخر يتمثل في التعامل مع مكون المرونة من خلال منظور أوسع يشمل الجسم بالكامل. فالجسم عبارة عن سلسلة واحدة مترابطة من الأجزاء المتحركة، وإن حدث تغيير في الحركة أو في الوضعية فهو لا يحدث بشكل منعزل، فأي تغيير يحدث في مكان معين نتيجة لخلل عضلي سيرافقه تغيير في مكان آخر كنوع من التعويض نتيجة لحدوث هذا الخلل. وإذا أصبحت هذه التغييرات في الوضعية أنماطاً متكررة، فإنها ستؤثر على صحة وسلامة السلسة الحركية، إذ أنها ستسبب إرباكاً للعضلات وستؤثر بالتالي على عمل المفاصل، ما يدفع الجسم للقيام بالحركات بشكل خاطئ.
حركة الجسم بشكل عام تميل إلى أن تكون موجهة نحو الهدف المراد من الحركة، ما يعني أن الجهاز العصبي يسيطر على عدة أجزاء للعمل معاً كوحدة واحدة، بدلاً من التركيز على التحكم في سلسلة من حركات المفاصل الفردية. ومثلما يمكن أن يؤدي القصور في المدى الحركي في مفصل معين إلى حدوث تغييرات تعويضية في المدى الحركي في أماكن أخرى من الجسم، فإن المدى الحركي المفرط في مفصل معين قد يقلل من استقرار (ثبات) المفصل، مما يجعل العضلات في المفاصل المجاورة تعمل بجهد أكبر للتحكم في الحركة الكلية، وبالتالي سيزداد الجهد العضلي ودرجة التوتر في هذه العضلات، مما قد يقلل بدوره من المدى الحركي في المفاصل التي تتحكم بها هذ العضلات. نفهم من هذا أن المفاصل لا يتغير مداها الحركي والعضلات لا يتغير طولها ولا تتكيف بمعزل عن بعضها البعض، إذ يتم التحكم في الحركة وأطوال العضلات وقوة انقباضها من خلال الجهاز العصبي، وبالتالي فإن تغيرات المرونة في منطقة معينة غالباً ما يكون لها تأثير غير مباشر على أجزاء أخرى من الجسم. وما يسترعي الاهتمام هو كيف تؤثر الاختلالات العضلية في منطقة معينة على باقي أجزاء السلسة الحركية، إذ ينتج عن اختلال التوازن العضلي في مكان معين تأثيراً يشبه “تأثير الدومينو”، بحيث يتسبب بسلسلة من الانحرافات في الوضعية الطبيعية للقوام، والشكل النهائي لهذا الانحراف الناتج عن سلسلة التغييرات هذه هو في العادة شكلاً يمكن التنبؤ به، لأنه يتبع نمطاً خاصاً مميزاً.
على سبيل المثال، قد يؤدي فرط النشاط في عضلات الساق (الربلةCalf muscles-) إلى قصر شديد في طول هذه العضلات مما يحد من قدرة الكاحل على القيام بحركة العطف الظهري (Dorsiflexion)، مما يؤدي بدوره إلى وضع طول العضلات المسؤولة عن ثني مفصل الورك في وضعية قصر (Hip flexors) ، وكذلك العضلات الناصبة الشوكية القطنية(Lumbar erectors) ، والعضلة شبه المنحرفة العلوية (Upper trapezius). وغالباً ما يرتبط هذا النمط من الاختلالات العضلية بنوع من الاختلالات الوضعية المعروف بالقعس المفرط (Hyperlordosis) الذي يتميز بتقعر مفرط في أسفل الظهر. انظر الشكل رقم 7.5.
الشكل رقم 7.5
هذا فقط أحد أنماط المرونة المحدودة التي يمكن ملاحظتها بين عامة الناس، ولا يعني أنه لا يوجد أنماطاً أخرى للاختلالات الوضعية، بل هناك عدة أنماط أخرى شائعة ستلاحظها عند التعامل مع عدد كبير من المتدربين، إلا أن تسليط الضوء عليها هو خارج نطاق هذا النص. ولكن معرفتك بوجود أنماط شائعة أخرى أمر مهم ليعزز أهمية التعامل مع مكون المرونة بشكل منهجي وشامل.