إن ممارسة تدريبات المقاومة بشكل منتظم ومستمر يحفز مجموعة متنوعة من التكيفات الفسيولوجية. هذه التكيفات من شأنها أن تحقق للجسم العديد من المكاسب المرتبطة بالصحة والأداء.
تشمل فوائد تدريبات المقاومة المنتظمة ما يلي:
- تحسين الأداء البدني كاستجابة للأهداف التدريبية.
- تعزيز التحكم في الحركة.
- زيادة سرعة المشي والاستقلال الوظيفي لدى كبار السن.
- الوقاية من و / أو السيطرة على مرض السكري من النوع الثاني.
- تعزيز صحة القلب والأوعية الدموية.
- انخفاض خطر الإصابة بهشاشة العظام.
- تقليل نوبات آلام أسفل الظهر.
- زيادة الثقة بالنفس واحترام الذات.
التكيفات الفسيولوجية
إن تدريبات المقاومة التي يتم إجراؤها باستمرار بشكل يتناسب مع مستوى اللياقة البدنية الحالية للمتدرب سوف يحفز مجموعة من التكيفات (التغييرات) الفسيولوجية داخل الجسم، تؤدي هذه التكيفات بدورها إلى العديد من الفوائد المذكورة سابقاً. ومع ذلك، فإن قائمة الفوائد قد لا تكشف بشكل كامل عن التكيفات الفسيولوجية المحددة التي قد تحدث، وقد تشمل التغييرات الناتجة عن تدريبات المقاومة الأمور التالية:
- تكيفات نوع الألياف العضلية بما يتماشى مع المحفز التدريبي الذي يتعرض له الجسم، فعلى سبيل المثال، القدرة على التحمل (تطور ألياف النوع الأول البطيئة)، أو القوة (تطور ألياف النوع الثاني السريعة).
- زيادة مساحة المقطع العرضي للعضلات، المعروف أيضاً باسم الضخامة العضلية (أو التضخيم) (Hypertrophy)
- زيادة التنشيط العصبي العضلي ودرجة التوتر العضلي أثناء الراحة (Muscle tone)
- زيادة توظيف الألياف العضلية.
- زيادة نمو العظام وإعادة تشكيلها.
- انخفاض مستويات الدهون في الجسم، وخاصة الأنسجة الدهنية الحشوية (منطقة البطن).
- انخفاض معدل ضربات القلب أثناء الراحة.
- زيادة حجم وقوة القلب.
- انخفاض ضغط الدم أثناء الراحة (وخاصة المترافق مع تدريب التحمل العضلي).
- تحسين نسبة الكولسترول في الدم، وبشكل خاص انخفاض البروتينات الدهنية منخفضة الكثافة (LDL أو الكولسترول “الضار”).
- تحسين مستويات السكر في الدم وتعزيز حساسية (استجابة) الجسم للأنسولين.
العوامل المؤثرة على التطور العضلي
لقد أظهر العلم أن تدريبات المقاومة ترتبط بشكل كبير بالعديد من التكيفات الفسيولوجية والتي تناولناها في السطور السابقة. إلا أنه يمكن أن يختلف حجم ونطاق التكيف البدني بين المتدربين، اعتماداً على عدة عوامل أساسية، وهذا بعيداً عن متغيرات تدريبات المقاومة الفعلية والبرنامج التدريبي. انظر الشكل رقم 5.2 الذي يظهر بعض هذه العوامل.
الشكل رقم 5.2
- نوع الألياف العضلية ودور الجينات
يمكن أن تؤثر الوراثة ونوع الألياف العضلية السائدة في الجسم على مستوى الاستجابة لتدريب المقاومة، كما يختلف انتشار أنواع الألياف العضلية أيضاً بين الجنسين. وتتمتع كل من الألياف العضلية من النوع الأول البطيئة والنوع الثاني السريعة بالقدرة على الاستجابة والتكيف مع تدريبات المقاومة، ولكن يبدو أن هناك تأثيرات أكبر وأكثر وضوحاً في ألياف النوع الثاني. بالإضافة لذلك، يختلف توزع نوع الألياف العضلية من عضلة لأخرى في جسم الشخص الواحد، وكذلك بين الأفراد، وهذا بحسب طبيعة وظيفة العضلة وموقعها في الجسم.على سبيل المثال، بعد دراسة وتحليل عينات من العضلة المتسعة الوحشية (Vastus Lateralis) للعضلة الفخذية رباعية الرؤوس (Quadriceps)، وجد أنها تحتوي على نسب متفاوتة من الأنواع الثلاث للألياف العضلية. انظر الجدول رقم 5.2.
الجدول رقم 5.2
قد يستجيب المتدربون الذين لديهم نسبة أعلى من ألياف النوع الثاني بسهولة أكبر ويحققون نتائج ملحوظة أكثر عند ممارستهم تدريبات المقاومة مقارنة بمن يملكون نسبة أقل من هذه الألياف. وقد يحقق المتدربون الذين لديهم درجة أعلى من ألياف النوع الأول مكاسب معينة مثل التضخيم بدرجة أقل من أولئك الذين لديهم نسبة أكبر من الألياف العضلية من النوع الثاني. كما تميل الإناث إلى امتلاك عدد أكبر من ألياف النوع الأول البطيئة مقارنة بالذكور، وقد يكون هذا الاختلاف الأساسي أحد أسباب الاختلافات بين أداء الذكور والإناث فيما يتعلق بنتائج تدريب المقاومة.
- الجنس ومستويات الهرمونات
بالإضافة إلى نوع الألياف العضلية، يؤثر الجنس والاختلاف الهرموني أيضاً على الفرق بين الاستجابات التدريبية. عادةً ما يكون لدى الذكور مستويات أعلى من هرمون التستوستيرون بمقدار 10 إلى 14 مرة مقارنة بالإناث. وعادةً ما يكون هرمون الإستروجين الأنثوي أعلى بنسبة 3-8 مرات عند الإناث قبل انقطاع الطمث (ترتفع المستويات بشكل ملحوظ أثناء الإباضة) مقارنة بالذكور. هذه الاختلافات الهرمونية الكبيرة تحفز استجابات فسيولوجية مختلفة بعد تدريبات المقاومة. فبعد جلسة من تدريبات المقاومة الشديدة، ترتفع مستويات هرمون التستوستيرون لدى الذكور. وعند الإناث، إما ألا يرتفع هرمون التستوستيرون على الإطلاق أو قد يرتفع بدرجة طفيفة بعد التدريب. التستوستيرون، بالاشتراك مع العوامل البنائية الأخرى، له تأثير بيولوجي ملحوظ على النمو والتطور وإعادة التشكيل الجسدي بعد التدريب المكثف على المقاومة. بالنسبة للإناث، من المعروف أن هرمون الإستروجين يؤثر على كتلة العضلات وقوتها وبنية الأنسجة الضامة لدى الإناث، ويرتبط انخفاض هرمون الإستروجين بانخفاض كتلة العضلات وانخفاض القوة لدى الإناث. تجدر الإشارة أنه لا يبدو أن تدريبات المقاومة تؤثر بشكل كبير على مستويات هرمون الإستروجين الحادة بنفس الطريقة التي يتأثر بها هرمون التستوستيرون.
- العمر البيولوجي
يؤثر عمر المتدرب أيضاً على التأثيرات التي قد تحدثها تدريبات المقاومة على الجسم، حيث تنخفض الكتلة العضلية في المتوسط بنسبة 3-8٪كل عقد بعد سن 30 عاماً في كلا الجنسين، مع زيادة في معدل انخفاض الكتلة العضلية بشكل أكبر فوق سن الـ 60 عاماً. يبدو أن تراجع العضلات لدى الذكور مرتبط بانخفاض هرمون التستوستيرون الذي يرتبط أيضاً بالشيخوخة، حيث يصل 60٪ من الذكور إلى مرحلة اليأس (انخفاض هرمون التستوستيرون والهرمونات الأخرى المرتبطة به) بحلول عمر الـ 65 عاماً. الجدير بالذكر، إن انخفاض مستويات هرمون الإستروجين في الإناث في سن اليأس لا يغير معدل تراجع الكتلة العضلية المرتبط بالشيخوخة. الخبر الجيد هنا، هو أنه يمكن أن يكون لتدريبات المقاومة تأثير إيجابي وأن تساعد على إبطاء معدل تراجع الكتلة العضلية المرتبط بالعمر لدى كلا الجنسين، بل قد يتم عكس هذا الانخفاض إذا كان حجم التدريب وشدته كافيين. ومن الممكن حدوث ضخامة عضلية، بدرجات متفاوتة، بغض النظر عن العمر.
- الحمية الغذائية والحالة التغذوية
تعد الحمية الغذائية والحالة التغذوية عاملاً مهماً في تطوير اللياقة العضلية، إذ يعد ضمان تزويد الجسم بكميات كافية ومنتظمة من الأطعمة الغنية بالبروتين أمراً ضرورياً لنمو بروتينات العضلات وإصلاحها، وكذلك للحفاظ على عملية انتاج البروتينات للألياف العضلية. إلا أن استهلاك البروتين تحت المستويات الموصى بها (0.8-1.0 غم/كغم/يوم) سوف يقلل من توافر الأحماض الأمينية للألياف العضلية، وقد يصبح عاملاً محدداً أو معيقاً للنمو والتطور، حتى عندما يتم تحقيق التوازن الصحيح بين حجم التدريب وشدته. كما يعد إجمالي السعرات الحرارية أيضاً عنصراً مهماً لدعم القوة العضلية والتدريب على التحمل. إذ يعتمد التدريب البدني في حد ذاته على الطاقة، وبالتالي يجب استهلاك سعرات حرارية كافية أعلى من معدل الأيض الأساسي لتقديم وقود كافٍ لكل تمرين. ويعتمد النمو والتطور الفسيولوجي الذي يتم تحفيزه بعد ممارسة التمارين الرياضية على مصدر طاقة ثابت ومتاح بسهولة للاستثمار في نمو وتجدد الخلايا وإصلاحها.